Sunday, January 9, 2011

طرح الحريـــــــــــــــــــــــر

طرح الحرير

تأليف :

شريف صلاح الدين

الشخصيات :

   الرسام : فى اواخر الخمسين من عمره .. مضطرب وجدانيا ..

  الفتاه : فى العشرين من عمرها .. اما ان تكون خيال .. واقع

المكان : مرسم الرسام .. يبدو عليه الاهمال الشديد .. اعمال فنيه متناثره ومغطاه بالاقمشه .. زجاجات خمر ملقاه .. المكان يوحى بالوحشه

الزمان : الليله الاخيره

 

الرسام جالسا على كرسى هزاز قديم امام لوحه قديمه كبيره .. اللوحه لفتاه جميله تكاد ان تكون عاريه .. وعليها بقع لونيه حمراء .. الرسام ممسكا بزجاجه من الخمر وبين اصابعه المرتعشه سيجاره اوشكت على الانتهاء .. يرفع الزجاجه ليحتسيها .. يكتشف انها فارغه .. يلقيها ارضا .. على الارضيه العديد من زجاجات الخمر الفارغه الملقاه .. يقترب من البار باحثا عن اخرى .. لا يجد .. يبدو عليه التوتر .. يطفئ السيجاره .. ويشعل اخرى باصابع مرتعشه .. الرسام يبدو عليه الوهن الشديد .. يضع اسطوانه موسيقيه .. لتنساب الموسيقى .. يعود للجلوس على كرسيه الهزاز القديم .. من خلف اللوحه القديمه تخرج فتاه تشبه الفتاه المرسومه على اللوحه القديمه ترتدى ملابس عصريه جدا تتأمل اللوحه هى الاخرى .. تتحسسها بيدها ولا يبدو عليها الدهشه .. ثم تتوجه للرسام

الفتاه : ارسمنى ( الرسام مستغرقا فى الموسيقى فيزيد اصرارها) ارسمنى

الرسام : ( متأملا سيجارته المرتعشه ) يظهر انى لازم ابطلها ( يأخذ نفسا عميقا منها ويخرجه فى تلذذ – ساخرا ) من تلاتين سنه وانا بقول هابطلها

الفتاه : ( يواجهه ) بقولك ارسمنى .. انت سامعنى ؟!

الرسام : ( يفاجأ بها ) انتى مين ؟ ( الفتاه تضحك عاليا وتبدأ فى الرقص حوله – يذهب الرسام للوحته القديمه ) لولا انى رسمت اللوحه دى من عشرين سنه كنت افتكرت انك هى .

الفتاه : ( تتوقف عن الرقص – بتحدى ) انا مفيش حد يشبهنى .. أنا بالذات .. ارسمنى

الرسام : نفس الغموض

الفتاه : ( تشد غطاء حريرى ازرق لاحدى اللوحات ..– اللوحه لبحر وتبدو من بعيد عين لفتاه وكأنها سفينه فى عرض البحر .. تضع الغطاء على كتفها ) متهيألى كده احلى .. ( تغطى وجهها لتظهر عينيها .. والا كده احلى .. ( يقترب منها متأملا .. تلف الغطاء الازرق وتضعه على كتفيه ) .. سمعت انك بتحب البحر

الرسام : بخاف منه

الفتاه : ( بسخريه ) لأ .. اوعى تقول كده .. هو انت جبان ؟

الرسام : جبان ؟ .. عمرى ماخفت من حاجه ابدا ..

الفتاه : ( تداعبه بملمس الغطاء الحريرى الازرق ) والبحر ؟

الرسام : بخاف م الغرق .. ( صمت ) بخاف م الموت

الفتاه : ( بتلقائيه ) اكيد مابتعرفش تعوم

الرسام : محاولتش اتعلم .. اكتفيت باستمتاعى بالفرجه

الفتاه : البنت اللى ف اللوحه دى .. اللى انت عامل عينيها مراكب .. ومخليها نايمه ف البحر .. عينيها حزينه قوى .. وجريئه قوى .. ( تبدأ فى ترتيب اغراضه الملقاه ارضا مثل فرشه الالوان ) واضح انك بتحب ترسم وانت على الشط

الرسام : بالعكس ( ضاحكا ) هاتستغربى لو قلتلك .. عمرى ماعرفت ارسم على البحر .. مش عارف ليه ؟ بس دايما لما ابعد عنه اعرف اشوفه كويس .. انتى بتسألينى ليه ؟ هو انتى مين ؟ انتى صحفيه

الفتاه : ( تتجاهل سؤاله ) ولما بترسمه وانت بعيد عنه ؟ بتقدر تستدعيه ازاى ؟

الرسام : من قلب الروح .. الانسان جواه بحر اعمق واعظم .. باقدر المحه بسهوله من عينيه

الفتاه : ( باستهتار ) والبحر اللى ف عينيا ؟ ( تلقى الغطاء ارضا )

الرسام : مخيف .. ( صمت ) مخيف اكتر من اى بحر شفته .. بحر راكد .. مش قادر احدد عمقه .. غريق والا ..؟ .. مش عارف .. انتى دخلتى هنا ازاى ؟

الفتاه : ( تتجاهل السؤال ) ذوقك كلاسيكى جدا فى المزيكا .. قديم جدا ؟

الرسام : لو سمحتى .. الا المزيكا دى

الفتاه : ( تشد غطاء حريرى بنى اللون تغطى احدى اللوحات .. اللوحه لوجه فتاه غير واضحه المعالم .. وتفرش الغطاء ارضا وتبدأ فى جمع الزجاجات الملقاه على الارض وترتيبها على الغطاء فى شكل دائره .. وتجلس فى المنتصف ) بس دى قديمه قوى .. معدش حد بيسمع الموسيقى دى دلوقتى .. دلوقتى فيه حاجات احدث .. اقوى .. وكلها حراره

الرسام : الحراره ف المعنى .. المزيكا دى بالذات بتتوهنى فى المشاعر

الفتاه : ( باهتمام ) تبقى حبيت .. شكلها ايه ؟ اكيد هى اللى ف اللوحه .. صح ؟ (صمت) بس ازاى ؟ مفيش واحده تبقى بالطريقه اللى انت راسمها بيها دى .. ويبقى ذوقها بلدى فى المزيكا كده ؟ دى ذوقها سوقى بشع

الرسام : ارجوكى .. ماتغلطيش فيها كده ( صمت .. يضحك ) انا رسمت اللوحه دى قبل ما اقابل صاحبتها

الفتاه : ( ساخره ) لأ .. مش ممكن .. وطبعا هاتقوللى .. ياما كنت بتحلم بيها .. مره تجيلك جوا قصر بعيد .. محبوسه فيه .. وانت رايح تنقذها .. ومره تجيلك فى مركب فى البحر .. وانت على الشط عايز تعديلها ومش قادر .. وهى بتشاورلك بايديها .. ( تنادى عليه وتمد يدها باتجاهه ) تعالى .. جمد قلبك وعدى .. انا مستنياك .. (باستفزاز وهى تقف لتدفع زجاجات الخمر التى قامت بترتيبها بقدمها ) ومره تجيلك وانت نايم علشان تمارس معاها رغباتك الحقيره

الرسام : اسكتى .. انتى عرفتى الكلام دا ازاى ؟

الفتاه : قلته لكام واحده .. قلته لكام بنت ساذجه من بتوع زمان اللى فى الحوارى ..( بسخريه ) كلام الساحر اللى طالع من اعماق قلبك الكبير

الرسام : بقولك اسكتى

الفتاه : خايف من الحقيقه .. انت مش بتقول انك مابتخافش من حاجه (باستهزاء) الا البحر

الرسام : ( يعاندها ) لأ مش خايف .. قلته لكتير .. كتير قوى .. بس مايمنعش انه كان حقيقى فعلا .. انا شفتها قبل مارسمها .. اتجسدت فيها كل احلامى وكل رغباتى .. وكنت بانزل فى الحوارى والشوارع ادور عليها .. وكل مره اقابل فيها واحده ارسمها .. ماتكونش هى

الفتاه : ( تحمل الزجاجات فوق الغطاء البنى وتضعهم جانبا وتضعهم جانبا ) والنتيجه ؟

الرسام : رسمتها من خيالى .. رسمت لوحه جاهزه .. وفضلت ادور عليها برضه .. المره دى مش علشان ارسمها .. لأ .. علشان اطابقها باللوحه

الفتاه : ( تتأمل اللوحه القديمه الكبيره ) اللوحه كلها رغبه وانتهاك .. ( تتناول غطاء حريرى احمر من فوق منحوته لنصف جسد امرأه عارى بلا رأس وتلفه حولها ) ايه رأيك فيا ؟ بذمتك مش انا احلى منها ؟ واجمل منها ( تقترب منه فى هدوء ) مش برضه استاهل يبقى لى لوحه ف مرسمك .. لوحه زيها .. كلها رغبه و..... ( تضحك ) حاسه بحاجه غريبه جهه اللوحه القديمه دى

الرسام : ( بحزن عميق ) الا اللوحه دى

الفتاه : دا احساس ندم .. ( ببساطه ) انت ندمان من حاجه

الرسام : ( ثائرا ) انا عمرى ماندمت على حاجه انا عملتها .. اول واهم حاجه اتعلمتها ف حياتى .. انى عمرى ما اندم ابدا .. الندم اول سكه الموت

الفتاه : ( تلوح بالغطاء الاحمر الحريرى ) بس الثوره والغضب دا مايطلعوش الا من واحد بيقاوم الندم

الرسام : اسمعى .. انا ماعرفش انتى دخلتى هنا ازاى ؟ ولا عايزه منى ايه ؟ مش ممكن يكون هدفك منى لوحه ارسمهالك وبس .. اكيد ف دماغك حاجه .. يا تقولى يا تتفضلى ( يشير للخارج )

الفتاه : ( تربط الغطاء الحريرى على رقبته كأنه وشاح ملك ) اوه .. مش ممكن شكلك جميل قوى وانت متنرفز .. زى ملك عظيم كله طاقه وشباب وحيويه (تداعبه ) ارجوك مقدرش على كده

الرسام : ( يطفئ سيجارته .. تخرج له علبه من السجائر .. وتعطيه واحده وتشعلها له .. ينفث دخانها فى هدوء ) متأسف

الفتاه : اوعى تتأسف .. الاسف نوع من الندم .. وانت مابتندمش

الرسام : ( بغيظ ) ارجوكى قوليلى انتى عايزه ايه بالظبط

الفتاه : ( تقترب منه وتفك الغطاء الحريرى الاحمرمن فوق كتفيه بهدوء ) ارسمنى .. ارسم البحر اللى ف عيونى .. ارسم جمال روحى وشكلى .. ارسم جنونى .. رغباتى .. مشاعرى .. ارسم .. ( تغطيه بالغطاء ثم تتركه فيسقط الغطاء ارضا امامه – تتنهد وتبتعد عنه )

الرسام : نفس الكبرياء

الفتاه : بتحب الكبرياء ؟

الرسام : بحب الخصوصيه

الفتاه : وانا بنت خاصه جدا ( تداعبه ) دخلت عش الدبور الكبير ( يبتسم بسخريه) الدبور اللى مدوب كل اللى عندهم كبرياء .. اللى بيمتص الرحيق علشان يطلع فى الاخر عسله .. فى فنه .. الراجل اللى كله كبرياء ( تخرج من حقيبتها زجاجه من الخمر .. وتصب له كأس .. يحتسيه بنهم – ساخره ) كبرياء ( تخرج له مبلغا كبيرا من المال وتضعه امامه ) عرفت انك محتاج فلوس ( ينظر الى المال باهتمام ) ارسمنى وخدهم كلهم ( يأخذ المال بعد تردد - تضحك ساخره ) كبرياء

الرسام : ( يبدو اكثر حيويه .. يجلسها على الكرسى الهزاز ويبدأ فى ضبط جلستها ) اتفضلى اقعدى هنا ( يتحسس وجهها لوقت طويل )

الفتاه : ( تنظر اليه بعمق .. تقترب منه ) وشى عاجبك ؟ .. ايه رأيك ؟

الرسام : ( بارتباك ) حاسس انك مش غريبه عليّا

الفتاه : ايه ؟ بتشوفنى ف احلامك والا ايه ؟ مش دايما كنت بتقول كده لأى واحده ترسمها ؟

الرسام : ارجوكى كفايه .. انتى ليه بتهاجمينى و كأنى عملت فيكى حاجه ؟

الفتاه : لسه ماقدرتش تفهمنى

الرسام : فهمينى

الفتاه : ( بدلال ) حس بيا .. حس ببنت عندها عشرين سنه .. وف عز شبابها جواها طاقه كبيره للحياه .. بتحركها .. عايزه تشوف ايه اللى جواها ؟ جت لك ترسمه ؟ (بانفعال ) وانت بتتكلم وتتكلم .. وغرقان ف ذكريات لوحه قديمه ومزيكا قديمه وحكايه مش عارفاها .. ريحه السجاير بتخنقنى

الرسام : حتى ف احلامى كنت باشربها

الفتاه : بطلها

الرسام : عايز ابطلها من اول يوم شربتها فيه .. بس اعمل ايه ؟ (ينظر للوحه ) بحبها

الفتاه : اللوحه ؟

الرسام : البنت اللى فيها .. من اول حلم خلانى ادور عليها

الفتاه : ( تحاول استدراجه ) اللى هى انا ؟

الرسام : البنت الحلم

الفتاه : انا

الرسام : الحلم

الفتاه : الحقيقه .. ارسمنى وماتضيعشى وقتى

الرسام : اثبتى ف مكانك ( يمسك فرشاته بأصابع مرتعشه )

الفتاه : ثانيه واحده ( تخرج سيجاره )متهيألى كده اجمل .. تبقى اللوحه سخنه .. متهيألى انت بتحب المرأه المدخنه

الرسام : عرفتى ازاى ؟

الفتاه : ( ضاحكه ) لان اى راجل فى الدنيا بيحب الواحده المدخنه وخصوصا لو كانت قدامه لوحده .. مش انت بس .. سيجارتك خلصت .. امسك ولع (تلاحظ ان يده ترتعش فتمسكها – وبتلقائيه ) عجزت

الرسام : (بدهشه ) ايه؟

الفتاه : عجزت .. وصوابعك بترتعش .. مش قادر تمسك الفرشاه .. عادى

الرسام : ايه اللى عادى ؟

الفتاه : عادى جدا ان العمر يجرى .. واللى كنت قادر تعمله امبارح ماتقدرش تعمله النهارده .. يعنى هاتاخد زمنك وزمن غيرك

الرسام : ارجوكى كفايه

الفتاه : كل خط مرسوم على وشك بيقول ان الايام قدرت عليك .. كل رعشه ف ايدك بتنطق بعجزك ترسم اى خط مستقيم .. متهيألى الخط المستقيم دا ابسط شئ ( ساخره ) المستقيم .. الدوغرى بلغه ولاد البلد ( صمت – تقترب منه) زعلان ؟ .. ( تربت على كتفه بحنان ) ماتزعلش من الحقيقه .. دل شئ طبيعى ومنطقى .. وعموما كل سن له جماله وجاذبيته ( تضحك ) عادى

الرسام : ارجوكى بلاش تقولى عادى دى

الفتاه : ليه ؟ خليك اسبور .. بطلوا الكلاكيع بتاعتكوا دى يا عواجيز .. امال فين خبرتكوا بقى .. الحياه بتتطور .. والدنيا بقت زحمه ومفيش حد واخد باله من حد .. علشان كده كل حاجه عادى

الرسام : قلتلك بلاش تقولى عادى دى .. سامعانى

الفتاه : لا .. انت بجد كبرت وخرفت

الرسام : ( يمسكها من رقبتها ويكاد يخنقها ) اسمعى .. انا فضلت طول عمرى محافظ على عقلى .. رفضت مواجهه الناس بحقايق كتير كنت شايفها عنهم .. خنقت وجهات نظر كتير ليا سابقه وقتها وانا متأكد .. علشان ماسمعش كلمه خرفت دى ..وماعنديش اى استعداد بعد مافضلت السنين دى كلها .. اسمعها من واحده زيك .. فاهمه ؟

الفتاه : اخنقنى .. تلاقيك خنقت حد قبل كده .. اكيد هى اللى ف اللوحه

الرسام : ( يترك رقبتها بقلق ) انتى مين ؟

الفتاه : ايديك ساقعه .. يا ساتر .. كنت هاخد برد

الرسام : جاوبينى .. انتى مين ؟

الفتاه : (تناوله كأسا من الخمر ) بس هدى نفسك .. انت مش مصدقنى ليه ؟ .. وانت متنرفز باحس بجاذبيه غريبه جهتك .. بتبقى احلى بكتير .. باحس ساعتها بالبهجه

الرسام : كأنك جايه تنتقمى منى

الفتاه : ازاى هو انا عملت حاجه ؟

الرسام : من ساعة مادخلتى وشفت فيكى الحلم القديم

الفتاه : اهه .. اديك قلتها بلسانك .. الحلم القديم .. يعنى كنت بتحلم بيا .. عادى

الرسام : قلتلك بلاش تقولى عادى دى

الفتاه : ( بلا مبالاه ) بلاش اقول عادى .. عادى

الرسام : نفس النظره .. نفس الملامح .. بس مش نفس الروح .. مش نفس اللهجه ..اللى جايه دى جايه تنتقم

الفتاه : ( تتلفت حولها ) اللى جايه ؟ .. مين دى ؟ مفيش حد هنا غيرى .. ولو مابدأتش ترسمنى .. ( بمبالغه ) يمكن بجد انتقم منك (تضحك وهى تتناول شال حريرى اصفر ملقى على البار وتضعه امام وجهها) شايف عمايلك فيا .. خلتنى عيانه .. وشى اصفر .. يرضيك كده .. فيه راجل يعامل واحده شيك كده؟ .. فيه راجل يحرم امرأه جميله من طلب هى عايزاه ؟

الرسام : امرأه ؟!

الفتاه : ( تكشف عن وجهها ببطء ) يمكن

الرسام : انتى متجوزه ؟

الفتاه : ( تراقص الشال الاصفر كأنه رجل يحتضنها ) مفيش ف ايدى الشمال دبله

الرسام : كل ما اسألك سؤال تلفى وتدورى .. جاوبينى على طول

الفتاه : ( مازالت ترقص ) بالعكس انا باكلمك بصراحه وهو دا اللى مزعلك من ساعتها

الرسام : يعنى مش متجوزه .. مطلقه ؟

الفتاه : محصليش الشرف

الرسام : امال ليه بتقولى ... (صمت )

الفتاه : ( تضع الشال الاصفر على كتفها وتمسك بيديه لتراقصه هو ) ايه .. انت مكسوف ؟

الرسام : ( يرقص معها رقصه ناعمه ) امرأه

الفتاه : قلتلك يمكن

الرسام : برضه بتلفى وتدورى

الفتاه : مش انت الرسام .. ارسمنى وخلينى اعرفنى .. ليه المشاعر دى جوايا ؟

الرسام : مشاعر البنت غير مشاعر المرأه

الفتاه : يمكن

الرسام : يمكن .. يمكن .. كل ما اكلمك تقولى يمكن

الفتاه : هاتفرق معاك يعنى ؟

الرسام : لأ .. طبعا .. يمكن .. اخ ..

الفتاه : ايه ؟ ناوى تكذب والا ايه ؟

الرسام : اكذب ؟ .. وليه اكذب ؟

الفتاه : ( تتوقف عن الرقص وتناوله الشال الاصفر ) اريحك انا .. ارسمنى بمنتهى الحريه ( يسقط الشال على الارض )

الرسام : ( ثائرا ) ايه ؟ انتى مفيش ليكى حد تخافى منه ؟ .. اب او ام او عيله

الفتاه : ( بتلقائيه ) طبعا لأ .. هو انا لو كان ليا حد .. كان فلت عيارى كدا زى مانفسك تقول ؟ صح ؟ مش دا اللى نفسك تقوله ومكسوف تواجهنى بيه ؟

الرسام : بس مش خساره بنت أو امرأه زى ماتحبى .. بجمالك وجنونك دا ومايبقلهاش كبير

الفتاه : مش يمكن لو كان ليا كبير زى مابتقول .. كنت اتحرمت من الجمال والجنون اللى انت حاسس بيهم دلوقتى ؟

الرسام : ولا حتى راجل يحبها وتحبه ؟

الفتاه : انت شايف حد يستاهل كل المشاعر اللى جوايا ف الدنيا بحالها ( بتودد ) غيرك انت

الرسام : انا؟ .. انتى مندفعه زياده عن اللزوم .. يظهر انك مش قادره تفهمى على الاقل فرق السن اللى بينى وبينك

الفتاه : المشاعر مابتعرفش حاجه اسمها سن ( الرسام يدخل فى نوبه من الضحك المستمر فتبدأ الفتاه فى الضحك معه ) بتضحك ليه ؟

الرسام : اول مره بعد العمر دا كله ارتبك قدام واحده .. بعد العمر دا كله ..واحده ف سنك انتى تخلينى ارتبك !!

الفتاه : اصل طبيعى اى راجل ف الدنيا هيقوللى انه هو بس اللى يستاهلنى .. فانا حبيت اوفر عليك وقت ( يتوقفان عن الضحك فجأه .. صمت .. الرسام يخرج سيجاره ويشعلها بارتباك ويتناول كأسا من الخمر )

الفتاه : ( تتأمل اللوحه القديمه ) بس متهيألى لمّا تيجى ترسمنى تانى .. هاطلع اجمل ميت مره من اللوحه اللى انت رسمتهالى من احلامك .. دى حتى قديمه قوى

الرسام : مش انتى

الفتاه : نعم ؟!!

الرسام : مش انتى اللى ف اللوحه ..انا قابلت اللى فيها فعلا من 20 سنه

الفتاه : ( تتجه اسفل اللوحه القديمه لتخرج ملاءه حريريه سوداء تلف نفسها بها وتقف اسفل اللوحه – ) ايوه ياسى الاستاذ .. مش ناوى تخلصلى الصوره دى بقى

الرسام : حاضر ( يلتفت اليها فيبدو عليه الارتباك الشديد ) انتى عامله كده ليه ؟ ازاى ؟ .. انتى هى

الفتاه : هى مين يا سى الاستاذ ؟

الرسام : الصوره .. الحلم .. هى .. ازاى ؟

الفتاه : مش فاهمه حاجه ؟ يا استاذ

الرسام : ( يبدو اكثر حيويه ) مش لازم تفهمى .. عادى

الفتاه : عيب يا استاذ .. ماتقولش عادى .. ما انا لازم افهم الاول

الرسام : الاهم من الفن نفسه .. الاحساس

الفتاه : يا استاذ بسرعه .. عايز اروح .. انا خايفه اتأخر

الرسام : لأ .. ماتمشيش .. هابدأ حالا ( يشعل سيجاره وهو يهيئها للرسم )

الفتاه : ريحة السجاير بتخنقنى .. كفايه بقى ..

الرسام : بحب البنت اللى بتدخن .. السيجاره بتديلها شكل مثير .. ولعى واحده .. عادى

الفتاه : عيب

تالرسام : ماعيب الا العيب .. انا انا اخترتك من كل العالم دا .. لما لقيتك انتى الحلم اللى بادوّر عليه .. حبيتك علشان شفت فيكى كل بنات الدنيا

الفتاه : كلامك حلو يا سى الاستاذ

الرسام : ارجوكى بلاش سى الاستاذ دى .. دا انا اعرفك من زمان قوى .. وياما دورت عليكى

الفتاه : فين يا سى ... قصدى ... يوه بقى

الرسام : ف كل حته .. ف الشوارع .. فى الحوارى .. فى العيون .. فى كل واحده قابلتها .. كنت بادور فيها عليكى .. مش ملامحك بس .. لأ .. وروحك كمان

الفتاه : اسمع يا سى الاستاذ .. الكلام بتاعك دا مايخشش عقلى .. انا ماينضحكش عليّا .. انا بنت بلد على حق

الرسام : وعلشان كده انا مصر عليكى .. ومصر على اقتحام التجربه معاكى .. وحاسس انى مش عاقدر استغنى عنك

الفتاه : لأ .. حاسب على كلامك .. انت قلتلى هاترسمنى وبس .. اكتر من كده الزم حدودك

الرسام : بحبك

الفتاه : ( مندهشه ) بتقول ايه ؟

الرسام : بحبك

الفتاه : عايزه اروّح .. اتأخرت

الرسام : نفس الخجل اللى بحلم بيه

الفتاه : سيبنى ف حالى .. انت فين وانا فين ؟ .. انا حته بنت فقيره غلبانه .. كل اللى احتكم عليه قلبى وشرفى .. سيبنى ف حالى ..

الرسام : مايهمنيش .. انتى قبل كل دا انسانه .. وانا بادور على انسانه بجد .. خليكى جنبى واسمعى كلامى ؟ ( يقترب منها .. الفتاه تلقى بالملاءه السوداء .. يفزع ) انتى مين ؟

الفتاه : زهقتنى .. كل شويه تقولى انتى مين ؟ يا عم ماتضيعش وقتك ووقتى .. وارسمنى ؟ مش خايف تموت ؟ انت خلاص اللى جاى مش قد اللى راح ؟

الرسام : هى راحت فين ؟

الفتاه : مين دى .. يادى النيله .. مفيش حد هنا غيرى

الرسام : لأ .. كانت هنا بملايتها السودا .. الملايه لمحبوكه عليها .. زى نار من جهنم .. بتلفحنى بحرارتها

الفتاه : ( تتحسس جبهته ) ياه .. انت سخن قوى .. اكيد حمى .. انت لازم تستريح ( تجلسه على الكرسى الهزاز ) ياحرام .. تخيل لو انا مش موجوده دلوقتى .. كنت هاتموت هنا وماحدش يحس بيك ( تسقيه كوب ماء ) ياساتر .. دا الواحد لو مات لوحده .. ومحدش حس بيه .. تبقى موته فظيعه .. انت ماتجوزتش ليه ؟ على الاقل كنت تلاقى واحده تخدمك ف اواخر ايامك

الرسام : الموت !

الفتاه : عارفه انك بتخاف منه ؟ ما انت قلتلى ؟ ماتخافش انا جنبك .. موت انت بس ولا يهمك

الرسام : ( بهدوء ) انتى جايه تموتينى .. صح ؟

الفتاه : اموتك ؟! ليه ؟ .. دا انا قاعده اطبطب عليك .. وبطلع من جواك رجولتك المتعطله من عشرين سنه

الرسام : (يهب واقفا ) انتى تعرفى عنى الحاجات دى ازاى ؟ انتى بتراقبينى والا ايه ؟

الفتاه : لا طبعا .. بس لاحظت ان اخر موديل انت رسمته كان من عشرين سنه .. بعد كده اعمالك بقت مش مفهومه .. اصل انا تابعت اخبارك كلها وقريت عنك ( تدور ف المكان تشاهد اعماله المبعثره وهى تبدى اعجابها لبعض الاعمال وامتعاضها لاعمال اخرى ) على فكره انا كمان بعرف ارسم .. ويمكن اكون بعرف ارسم احسن منك .. متزعلش منى .. بس دى الحقيقه .. وقد مابعرف ارسم باكره الرسم جدا .. وبحس انه مجرد اقنعه وهميه بنحطها على ورق او خامات تانيه وقعد نخلق ادعاءاتنا حواليها .. ونقول بقى العمق والروح .. والاتجاه الفلانى والعلانى .. وحاجات غريبه قوى .. وخناقات وندوات .. ومقالات .. وفلان مع الاتجاه دا وعلان ضده ..والمواضيع كلها ايه .. وهاتودى لفين ف النهايه ؟ .. ولا حاجه .. عدم

الرسام : ولما انتى بتكرهى الفن كده .. عايزانى ارسمك ليه ؟

الفتاه : علشان انت اكتر واحد ف الدنيا هاتفهمنى وتحسنى وتشوفنى

الرسام : انا ؟

الفتاه : ايوه .. علشان انت اكتر واحد ف الدنيا انا فاهماه وحساه وشايفاه

الرسام : انا ؟ احنا اتقابلنا قبل كده ؟ انا حاسس انى اعرفك

الفتاه : رغم انك انكرت من شويه .. ان اللوحه دى انا ؟

الرسام : دماغى اتلخبطت

الفتاه : ( تعطيه سيجاره ) امسك ولع سيجاره

الرسام : انا دايخ

الفتاه : ولا يهمك .. عادى

الرسام : قلتلك بلاش كلمه عادى

الفتاه : نسيت .. خلاص بقى

الرسام : ريحينى .. احنا اتقابلنا قبل كده ؟

الفتاه : ولا مره .. بس كنت باشوفك كل يوم

الرسام : فين ؟

الفتاه : ف احلامى .. كنت دايما بتطاردنى .. كنت باشوفك عايز تدخل قصرى .. وساعات كنت بالمحك على شط البحر وانا ف مركب ف قلبه .. حزينه .. ( بخجل مصطنع ) وساعات كنت بتدخل عليّا الاوضه بالليل .. وتراودنى عن نفسى .. وتفجر من جوايا كل محتويات الانثى .. العطف .. الحنان .. الطيبه .. الامومه .. الدفا

الرسام : (بعصبيه ) كفايه .. كفايه

الفتاه : مش مصدقنى .. تحب اثبتلك

الرسام : ازاى ؟

الفتاه : ( تتجه الى اللفافه التى كانت معها وتفردها امامه ) دى صورتك .. رسمتهالك من احلامى .. مش هو دا انت ؟

الرسام : ( ينظر الى اللوحه هى تماما نفس لوحته ماعدا الفتاه فى لوحه الرسام لتصبح رجلا يمد يده ويشبهه كثيرا .. الرسام فى حاله من الذهول ) ازاى ؟ اللوحه فيها تفاصيل انا بس اللى فاهمها .. دى نفس لوحتى ..وانا اللى جواها .. انتى عرفتى التفاصيل دى ازاى .. اللوحه دى مخرجتش من هنا ابدا .. ازاى؟

الفتاه : من احلامى .. اشمعنى انت حلمت بيا .. انا كمان حلمت بيك

الرسام : مش انتى اللى ف لوحتى .. سامعه

الفتاه : برضه مش مصدقاك ( تلف نفسها بالحرير الاسود مره اخرى )

الرسام : (يهرول عليها ) كنتى فين ؟ انا افتكرتك مشيتى و سيبتينى لوحدى

الفتاه : حد يسيب نصه التانى ؟!

الرسام : وعرفتى نصى التانى دى منين ؟

الفتاه : من كلامك ليا يا سى الاستاذ .. مش انت قلتلى ان احنا ستر وغطا على بعض .. واننا واحد

الرسام : ارجوكى ماتسيبنيش وتروحى اى حته تانيه .. باحس بالموت لما بتبعدى عنى

الفتاه : بعد الشر عليك .. دا انت لسه ف عز شبابك

الرسام : ياترى هاييجى اليوم .. اللى نكبر فيه سوا .. و ولادنا يراعونا ف عجزنا

الفتاه : ماتكسفنيش والنبى

الرسام : انا نفسى ف بنت تكون شبهك قوى

الفتاه : لا .. انا عايزه ولد ويكون شبهك انت .. علشان لما تروح ف حته وتسيبنى .. اطل ف وشه .. القاك قدامى

الرسام : لا .. باقولك بنت .. دى امنيتى .. مش عايزه تحققيها (يبدو عليها الحزن ) مالك ؟

الفتاه : احنا نسينا نفسنا .. هو احنا لسه .. يعنى .. احنا لسه اغراب وتجوزناش ؟ وكل ما اكلمك تقوللى مش جاهز .. استنى انا عايز اعلمك حاجات تواجهى بيها الدنيا

الرسام : عايز الناس كلها تشوفك زى مانا شايفك

الفتاه : بس انا مقدرش ابقى كده .. مقدرش اكون غير نفسى ..انا .. كده .. بنت البلد الطيبه .. اللى حظها ف الحياه كان قليل .. لغايه ما قابلتك وشفتك .. نورتلى عينى وخلتنى شفت حاجات جديده .. وخليت الشمس تشرق ف قلبى .. وقد مابتنور حياتى .. قد مابيحرقنى انها شمس مخفيه ف الضلمه .. مش باينه

الرسام : يعنى ايه؟

الفتاه : يعنى انا اسفه يا استاذ .. الصوره اللى انت رسمتها دى مش انا .. انا زى ما انت شايف .. ساتره نفسى بملايتى

الرسام : (بانفعال شديد ) لا انتى

الفتاه : بقولك مش انا .. اللى انت رسمتها عندها قصر .. واحنا ناس غلابه .. بنجرى على قوتنا اليوم بيومه .. ولولا اكل العيش مكنتش قبلت اخليك ترسمنى .. وكمان انا عمرى ماشفت البحر ومعرفش منه غير ملحه .. ولما كنت بجيلك فى الحلم وانت .. (بخجل ) بتلمسنى .. عايز اقولك ان مفيش راجل قدر يلمسنى

الرسام : ( يبدو اضطرابه الوجدانى ) مش ممكن بعد السنين اللى فضلت ادور فيها عليكى دى كلها .. هاسمحلك انك تقولى انك مش هى .انا شايفها فيكى وشايفك فيها .. واذا كنت رسمتك قبل ما اشوفك .. انا رسمتك برضه بعد ماشفتك .. فانت تشكيل عملته بخيالى وبايدى ولقيته قادر على الحياه جوايا .. واذا كان ع القصر نبنيه سوا .. والبحر نروحله والراجل ( يقترب منها و ينفث فى وجهها دخان سيجارته ويناولها لها )

الفتاه : قلتلك باتخنق من الدخان

الرسام : ف الاول كدا .. بعد كدا عادى .. انا مش ملاك .. ولا شيطان .. انا انسان جوا منه روح بتحركنى باتجاهك انتى وبس .. انتى الوحيده اللى شفت جواها مش برّاها .. اللوحه الوحيده الصاحيه قدامى .. مش مهم ان كانت بملايه لف او بتتكلم بلغه يبان فيها الجهل .. مش مهم .. المهم انك تحسى ان انتى هى .. وتخليها تبان .. حسى بيا ..

الفتاه : انا مكسوفه منك .. ومش فاهماك

الرسام : حد ينكسف من حبيبه .. انتى اللوحه دى .. اللى محدش شافها غيرك .. ولا حد هايشوفها بعدك .. لان مفيش بعدك .. شيلى الملايه اللى عليكى وانتى هاتتأكدى

الفتاه : ( تشعر بالخطر ) انت بتعمل كده ليه .. عيب كده ياسى الاستاذ

الرسام : (يزداد جنونه وهى اللحظه التى تتكشف فيها شخصيته المضطربه ) احنا دلوقتى لوحدينا .. ومحدش شايفنا .. واحنا الاتنين بنحب بعض .. وماتنكريش ابدا اننا هانكون لبعض .. بارادتى انا .. وبقرارى .. بمشيئتى هانكون لبعض .. عادى .. امسكى .. ( يناولها سيجارته ) كل حاجه ف الدنيا عادى .. ماتخافيش .. ( تسحب منها .. تسعل ويبدو عليها الدوار) دايما اول سيجاره متعبه .. ( تبدأ الملاءه فى السقوط تدريجيا ) سنين طويله مستنى بحرك اعديه .. و قصرك ادخله .. مستنى المسك بايدى .. حقيقه قدامى .. مش مجرد شعور وخيال جامح ممكن يتهموه بالجنون .. لأ .. انا مش مجنون .. انتى موجوده قصادى اهه ( يهجم عليها .. تسقط الملاءه .. اظلام .. )

الفتاه : ( تشعل ولاعتها لتشعل شمعه فوق البار ..بعيدا عن الملاءه الملقاه اسفل اللوحه ) ايه دا النور اتقطع .. كويس انى معايا ولاعتى .. انا فاكره ان فيه شمعه كانت هنا ..انت متعود النور يتقطع عليك كتير ..

الرسام : ( مازال امام الملاءه .. والفتاه بعيده عنه .. يشعر ان ماحدث كان وهما .. خائفا باتجاهها ) خبينى .. خبينى

الفتاه : فيه ايه ؟ انت بتخاف م الضلمه .. اخبيك من ايه ؟

االرسام : منها .. ( اضاءه ) منك ..

الفتاه : ( تطفئ الشمعه ) خلاص اتطمن النور جه .. مالك بس ؟

الرسام : ( بحيره واضطراب ) منها .. منك .. انا مش عارف .. انتى مين ؟ انتى هى ؟ والا مين بالظبط ؟

الفتاه : ( بغضب ) انا .انا. . كل شويه تسأل مين انا ؟ انت بتهرب ليه ؟ (باستمتاع و هى تفتح زجاجه خمر لتصب له كأسا وتناوله له) اللى حصل بيننا دا شئ جميل

الرسام : ( بذهول .. ويمسك كأس الخمر) ايه اللى حصل ؟

الفتاه : انت مش فاكر والا بتستعبط ؟ اسفه .. المفروض احترم العواجيز اللى زيك .. قصدى احترم اللى اكبر منى

الرسام : ايه اللى حصل ؟

الفتاه : عرضت عليّا الجواز

الرسام : محصلش

الفتاه : لأ .. حصل .. وقلتلى عايز اعوضك عن الايام والسنين اللى كنتى بتحلمى فيها بيا .. وانا مش موجود معاكى

الرسام : كأنك بتحكى كل اللى خبيته جوايا .. انا مقدرش اقول كده .. لان التفكير كده هايخليكى تفقدى طعم الحلم .. مش هاتلاقيه ابدا زى اللى اترسم واتحس جواكى

الفتاه : ( تلف نفسها بالملاءه السوداء ) مالك ؟

الرسام : مش شايفك زى الاول

الفتاه : استرنى

الرسام : فضلت سنين طويله ادور عليكى .. ولمّا لقيتك رحتى منى .. الحلم كان اجمل

الفتاه : اهلى هايقتلونى .. مش عارفه اتصرف .. اللى حاصل متعلق بمخالبه ف بطنى .. غضبان ..

الرسام : سيبينى افكر .. ارجوكى .. انا عندى معرض ومشغول ف تجهيزه

الفتاه : ( تلقى بالملاءه السوداء عليه وهى تناوله كأسا من الخمر ) اهدى بس انا اللى رافضاك اساسا

الرسام : بس انا معرضتش عليكى الجواز .. انا متأكد

الفتاه : جوا منك .. سامعه صوت طلبك دا عالى جدا .. بس انت مش عايز تعلنه .. خايف .. علشان ماتبقاش ندمان من اللى حصل

الرسام : ( بعصبيه ) انا عمرى ماندمت على حاجه .. قلتلك الندم اول طريق الموت

الفتاه : شكلك كدا ناوى تعملها وتموت .. قصدى تندم

الرسام : مستحيل انتى ليه عايزانى اندم ؟ .. ايوه .. فهمت .. انتى عايزانى اموت علشان اللى حصل ؟

الفتاه : ايه اللى حصل ؟

الرسام : اللى حصل بيننا من شويه

الفتاه : وايه اللى حصل بيننا من شويه ؟

الرسام : لمّا قربت منك وشلت من عليكى الملايه و ... اقتحمتك

الفتاه : اقتحمتنى ؟ يعنى ايه ؟ قصدك اغتصبتنى ؟

الرسام : ( مرتبكا ) سيان

الفتاه : بس انت لا قربت منى .. ولا شلت من عليا ملايه .. ولا اغتصبتنى .. ثم ايه ملايه دى .. الملايه دى كانت زمان .. مش بقولك انت خرفت

الرسام : ازاى ؟ انا .. ( يجلس ) انا تعبان .. كأنك جايالى من الماضى .. تعاقبينى ع اللى بانساه من عشرين سنه ..

الفتاه : انا جايه علشان ترسمنى و بس

الرسام : عجزت

الفتاه : بان عليك العجز فعلا

الرسام : خرفت

الفتاه : باين عليك

الرسام : ( باستسلام ) خرفت

الفتاه : ياه .. دا انت داخل ف الندم بجد

الرسام : لا .. ابعدى عنى .. انتى وهم .. بيطاردنى كل لحظه .. وكل ساعه وكل يوم .. وهم بيهاجمنى علشان اندم .. وانا مش هاندم .. ولا هاستسلملك ابدا .. زى ماستسلمتيلى ف يوم من الايام قبل كده .. سامعه

الفتاه : انا ؟ اسمع .. انا مايهمنيش الصوت العالى .. وهاترسمنى .. حتى لو كان دا آخر حاجه هاتعملها ف حياتك .. انا مابخافش .. ثم انا دفعتلك فلوس .. وسقيتك الميه اللى بتشربها .. وسجايرك ولعتهالك بنفسى .. وحركت رغباتك جهه احلامك القديمه .. حركاتك دى مش عاتنفع معايا خالص .. فاهم

الرسام : ( لنفسه ) لا .. دى وهم .. لازم اتخلص منه ؟ بس اعمل ايه ؟ ( يفكر ) لقيتها .. هى عايزانى اندم .. خلاص .. امثل عليها دور الندمان .. هاتحس انها عملت اللى عايزاه .. وتسيبنى وتمشى .. بس دا استسلام .. لا .. دى وسيله .. والغايه تبرر الوسيله ( يقترب منها ) اسمعينى يا بنتى

الفتاه : ( باندهاش ) بنتك ؟

الرسام : طبعا .. انا فعلا مقدرش ارسمك .. عاجز عن انى احس باللى جواكى .. ( يمسح رأسها بلطف ) انا آسف

الفتاه : ( بخوف ) الاسف ندم .. والندم اول طريق الموت

الرسام : وانا ندمان فعلا ( يسعل )

الفتاه : مش خايف تموت

الرسام : ندمان من زمان قوى

الفتاه : من امتى ؟

الرسام : من ساعة ما اختفت تانى .. وفضلت ادور عليها تانى .. لغاية ماعرفت طريقها .. وعرفت انها كانت هربانه وان اهلها لما عتروا فيها قتلوها .. قتلوها .. عرفت انهم قتلوا بنتى معاها .. البنت اللى وعدتنى تجيبهالى .. قتلوها من غير اى رحمه .. رغم انها كانت فى منتهى الرحمه عليا لما رفضت تقولهم عليّا ورفضت تدلهم على طريقى .. كان ندمى بيتحول ساعات لبكا وخبط راس ف الحيط .. وصريخ عالى .. وسكر وغيبوبه ..لانها ماتت وهى شايله سرى معاها .. عذبوها ورفضت تفضحنى رغم انى فضحتها .. وياما سمعت حكايات عن الندل اللى خلى بيها ومفيش حد يعرفه ابدا .. محدش يعرفه غيرى .. لانى كنت هو .. وفضلت شايل السر دا .. والوجع دا سنين .. سنين وانا من شده الالم بحاول انى انساه ..

الفتاه : ( بدهشه ) بجد ؟ بجد ندمان ؟ ( تتراجع )

الرسام : يظهر انى بجد ندمان ( يسعل ) ليه جرت

ينى للندم .. للموت ؟

الفتاه : وليه انت مارجعتلهاش حقها .. واعلنت انك الراجل دا ؟ ليه ملحقتهاش ؟

الرسام : لما حاولت ارجع كانت ماتت هى وبنتى

الفتاه : بنتك ؟ هى بنتك كمان ماتت ؟

الرسام : اخر امنيه اتمنيتها .. تكون جنبى وانا باموت

الفتاة :- طب ليه ما أعلنتش ده بعد ما ماتت ... ورجعت لها اللي ضاع ؟

الرسام :- لأني رفضت الندم ... طول عمري و أنا برفض الندم ... ولعلمك
أنا كنت ناوي أكذب عليكى وأقولك إنى ندمان ... لكن مقدرتش .. ووقعت
فــــيه بجد .....

الفتاة :- وناوي تعمل إيه ؟

الرسام :- خلاص يا بنتى .... السنين الطويله توهت الناس عن بعضها
(يزداد سعاله ) ياريت ينفع ...

الفتاة :- ( مندهشه ) بنتك ؟ ( بتأكيد ) بنتك ماتت مع امها

الرسام :- ياه .... قلبك قاسي قوى ... حجر .... ارحمي راجل عجوز حاسس
بالموت وبيقولك يا بنتي .... بيحقق أمنية كان نفسه فيها ...
يلاقي بنته جنبه وهو بيموت ( يزداد سعاله ) مش بقولك ... لازم أبطل
السجاير .. المسألة عايزة قرار بجد ... لازم أطفي السيجارة .... لازم
( بهدوء وتصميم يلقي بالسيجارة ويدوس عليها ويخرج العلبة ويرميها
تبدأ الفتاة في التراجع وهي ممسكة بكأس الخمر وهي تمسح أثارها
و بصماتها ( آه ... نفسي ... أنا بموت ... مش قولتلك الندم أول سكة
الموت ( يـضحك ) المره اللي ببطل السجاير فيها بجد
(يبدأ في السقوط ) إسنيديني يا بنتي ( الفتاه تتراجع الى اللوحة(
المرة اللي بطلت فيها السجاير بجد هي لحظه الموت
الفتاة : - (( بسخرية ( بــــنــــتــــك ؟
الرسام :- إسنيديني .. انتى حقيقه والا هذيان واحد بيموت .. انتى موجوده ؟ انتى روحها .. انتى هى .. بنتي ..... ( يسقط ويموت )
الفتاة : ( تختفي الفتاة خلف اللوحة وهي تمسح كأس الخمرة ........
ثم تخرج فجأة وتمسك الملاءة السوداء وتغطيه بها وتهم بالخروج
تتوقف .... تنظر إلى جثته .... تلقي بالكأس على الأرض ......
تسقط عليه وتحمله على صدرها وهي تصرخ(
الفتاة : - أبـــــــــــــــويــــــــــــــــــــــــــا ؟

- تتوقف الموسيقى المنبعثه من الاسطوانه -

اظلام                                                           

12/1999